کد مطلب:168033 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:165

قصر بنی مقاتل
(قال السكّونی: هو قرب القطقطانة وسُلام ثمّ القُرَیّات. وهو منسوب إلی مقاتل بن حسّان بن ثعلبة التمیمی). [1] .

روی ابن أعثم الكوفی قائلاً: (وسار الحسین علیه السلام حتّی نزل فی قصر بنی مقاتل، فإذا هو بفسطاط مضروب، ورمح منصوب، وسیف معلّق، وفرس واقف علی مذودهِ! فقال الحسین علیه السلام: لمن هذا الفسطاط؟

فقیل: لرجل یُقال له عبیداللّه بن الحرّ الجعفی.

قال فأرسل الحسین برجل من أصحابه یُقال له الحجّاج بن مسروق الجعفی فأقبل حتّی دخل علیه فی فسطاطه فسلّم علیه فردّ علیه السلام ثم قال: ماوراءك؟

فقال الحجّاج: واللّه، ورائی یا ابن الحرّ، واللّهِ قد أهدی اللّه إلیك كرامة إنْ قبلتها!


قال: وماذاك؟

فقال: هذا الحسین بن علیّ رضی اللّه عنهما یدعوك إلی نصرته! فإنْ قاتلت بین یدیه أُجرتَ، وإنْ متَّ فإنك استشهدتَ!

فقال له عبیداللّه: واللّه ما خرجت من الكوفة إلاّ مخافة أن یدخلها الحسین بن علیّ وأنا فیها فلاأنصره، لانّه لیس له فی الكوفة شیعة ولاأنصار إلاّ وقد مالوا إلی الدنیا إلاّ من عصم اللّه منهم! فارجع إلیه وخبّره بذاك.

فأقبل الحجّاج إلی الحسین فخبّره بذلك، فقام الحسین ثمّ صار إلیه فی جماعة من إخوانه، فلمّا دخل وسلّم وثب عبیداللّه بن الحرّ من صدر المجلس، وجلس الحسین فحمد اللّه وأثنی علیه، ثم قال:

أمّا بعد یا ابن الحرّ، فإنّ مصركم هذه كتبوا إلیَّ وخبّرونی أنّهم مجتمعون علی نصرتی، وأن یقوموا دونی ویقاتلوا عدوّی، وإنهم سألونی القدوم علیهم فقدمتُ، ولست أدری القوم علی مازعموا؟ فإنّهم قد أعانوا علی قتل ابن عمّی مسلم بن عقیل رحمه اللّه وشیعته! وأجمعوا علی ابن مرجانة عبیداللّه بن زیاد مبایعین لیزید بن معاویة!

وأنت یا ابن الحرّ فاعلم أنّ اللّه عزّ وجلّ مؤاخذك بما كسبتَ وأسلفت من الذنوب فی الایام الخالیة، [2] وأنا أدعوك فی وقتی هذا إلی توبة تغسل بها ما علیك من الذنوب، أدعوك الی نصرتنا أهل البیت، فإن أُعطینا حقّنا حمدنا اللّه علی ذلك وقبلناه، وإن منعنا حقّنا ورُكبنا بالظلم كنت من أعوانی علی طلب الحقّ.


فقال عبیداللّه بن الحرّ: واللّه یا ابن بنت رسول اللّه، لو كان لك بالكوفة أعوان یقاتلون معك لكنتُ أشدّهم علی عدوّك! ولكنّی رأیتُ شیعتك بالكوفة وقد لزموا منازلهم خوفاً من بنی أمیّة ومن سیوفهم! فأنشدك اللّه أن تطلب منّی هذه المنزلة! وأنا أواسیك بكلّ ما أقدر علیه، وهذه فرسی ملجمة، واللّه ما طلبت علیها شیئاً إلاّ أذقته حیاض الموت، ولاطُلبتُ وأنا علیها فلُحقت، وخذ سیفی هذا فواللّه ما ضربت به إلاّ قطعتُ!

فقال له الحسین رضی اللّه عنه:

یا ابن الحرُّ ما جئناك لفرسك وسیفك! إنّما أتیناك لنسألك النصرة، فإنْ كنت قد بخلت علینا بنفسك فلاحاجة لنا فی شیء من مالك! ولم أكن بالذی اتخذ المضلّین عضداً لانی قد سمعت رسول اللّه صلّی اللّه علیه وآله وسلّم وهو یقول: من سمع داعیة أهل بیتی ولم ینصرهم علی حقّهم إلاّ أكبّه اللّه علی وجهه فی النار!

ثمّ سار الحسین رضی اللّه عنه من عنده، ورجع إلی رحله، فلمّا كان من الغد رحل الحسین..). [3] .




وفی روایة الدینوری: (.. فأتاه الرسول، فقال: هذا الحسین بن علیّ یسألك أن تصیر إلیه! فقال عبیداللّه: واللّه ما خرجت من الكوفة إلاّ لكثرة من رأیته خرج لمحاربته، وخذلان شیعته، فعلمتُ أنه مقتول ولاأقدر علی نصره! فلستُ أحبّ أن یرانی ولاأ راه!

فانتعل الحسین حتّی مشی، ودخل علیه قبّته، ودعاه إلی نصرته!

فقال عبیداللّه: واللّه إنّی لاعلم أنّ من شایعك كان السعید


فی الاخرة! ولكن ما عسی أن أُغنی عنك!؟ ولم أُخلّف لك بالكوفة ناصراً! فأنُشدك اللّه أن تحملنی علی هذه الخطة، فإنّ نفسی لم تسمح بعدُ بالموت! ولكن فرسی هذه المُلحقة، واللّه ما طلبت علیها شیئاً قطّ إلاّ لحقته! ولاطلبنی وأنا علیها أحدٌ إلاّ سبقته! فخذها فهی لك.

قال الحسین علیه السلام: أمّا إذا رغبت بنفسك عنّا فلاحاجة لنا إلی فرسك!). [4] .


[1] راجع: معجم البلدان، 4:364.

[2] كان عبيد الله بن الحر الجعفي عثماني العقيدة، و لأجله خرج إلي معاوية و حارب عليا عليه السلام يوم صفين، و روي الطبري أخبارا في تمرد هذا الرجل علي الشريعة بنهبه الأموال و قطعه الطرق.

(راجع: مقتل الحسين عليه السلام، للمقرم (ره): 188).

[3] الفتوح، 5 :129-132، و عنه مقتل الحسين عليه السلام، للخوارزمي 1 :324-326، و انظر الإرشاد: 209 و تأريخ الطبري؛ و أنساب الأشراف، 3:384؛ و إبصار العين: 151- 152 نقلاعن خزانة الأدب الكبري، 2:158 بتفاوت./ و روي صاحب الفتوح بعد ذلك قائلا: و ندم ابن الحر علي مافاته من نصرته! فأنشأ يقول:



أراها حسرة ما دمت حيا

تردد بين صدري و التراقي



حسين حين يطلب بذل نصري

علي أهل العداوة و الشقاق



فلو واسيته يوما بنفسي

لنلت كرامة يوم التلاقي



مع ابن محمد تفديه نفسي

فودع ثم ولي بانطلاق



غداة يقول لي بالقصر قولا

أتتركنا و تعزم بالفراق



فلو فلق التلهب قلب حي

لهم القلب مني بانفلاق



لقد فاز الألي نصروا حسينا

و خاب الأخسرون ذوو النفاق.

[4] الأخبار الطوال: 250-251.